رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

تاريخنا الوطني بين الرؤية والرواية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يقصد بالتاريخ الوطني للمملكة العربية السعودية تاريخ الأرض منذ نشأة الاستيطان البشري فيها حتى العهد السعودي الزاهر. فكل هذا الزمن الممتد والمكتظ بأحداثه التاريخية في هذا النطاق الجغرافي هو التاريخ الوطني. ويكتسب التاريخ الوطني أهميته من قدرته على صهر مكونات المجتمع في بوتقة واحدة من خلال تكوين الذاكرة التاريخية المشتركة والتي يعتمد عليها تحديد المصير المشترك، وبذلك يعمل التاريخ الوطني على ربط الماضي بالمستقبل. لذلك نجد ليبور يكتب في صحيفة الشؤون الدولية Foreign Affairs تقريراً بعنوان: "الأمركة الحديثة: لماذا يحتاج المجتمع إلى قصة تاريخية؟" حيث يذكر في تقريره أهمية ما أسماه القصة الوطنية (التاريخ الوطني) لخلق مجتمع أميركي موحد في ظل الاختلافات الكبيرة جداً في المجتمع الأميركي، وبين الولايات الأميركية المختلفة. والمتأمل في واقع تاريخنا الوطني يجده كان تحت وطأة رواية لم تنصفه إطلاقاً. فقد قطعت أوصاله إلى حقبتين تاريخيتين وهما: فترة ما قبل الإسلام وما بعده. أما الفترة الأولى فقد حاولت هذه الرواية طمسها واقتطاعها من تاريخنا الوطني بحجة وثنيتها وشركياتها كونها تنتمي زمنياً لما قبل الإسلام. أما الفترة الإسلامية فقد تم التركيز عليها حتى طغت على هويتنا، وجعلت مفهوم الدولة الوطنية الحديثة وهي المملكة العربية السعودية محط تنافس مع الهوية الإسلامية، فإذا قامت المملكة بعمل يمليه عليها مصلحتها الوطنية تم وضعه في تضاد مع المصلحة الإسلامية، مع أن المملكة العربية السعودية -حفظها الله - ومنذ تأسيسها عام 1157 هـ، وهي الدولة الأولى في تبني الإسلام والدفاع عنه، وعن معتنقيه. هذه الرواية التاريخية آن لها أن تتلاشى في ظل رؤية المملكة 2030، تلك الرؤية التي أعادت الخط الزمني لتاريخنا الوطني إلى وضعه الطبيعي، مما فتح آفاقاً ليس فقط لإعادة اكتشاف ذاكرتنا التاريخية وتقديمها بالشكل اللائق بالوطن، بل وساهمت في وعي الآخر بهذا العمق التاريخي من خلال فتح السياحة، والاستفادة من كل ذلك في توفير فرص عمل وموارد اقتصادية للشباب السعودي. وهي ذات الرؤية التي عززت كذلك العمق الإسلامي للوطن، وإعادة صياغة مفهوم الوطن ليكون النقطة التي تنطلق منها جميع الإجراءات والخطط والتدابير حسب ما تراه القيادة الحكيمة لتعود بالنفع عليه وعلى مواطنيه، ذلك النفع الذي يصب في النهاية في مصلحة العالم العربي والإسلامي. وهكذا جاءت رؤية المملكة 2030 لتشكل قالباً جديداً نابضاً بالحياة يقدم من خلاله تاريخنا الوطني. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up